حافظ إبراهيم وشوقي والمعلم

منذ ان خرجت على هذه الدنيا اللعينة وانا اكره مهنة التعليم . . ربما بسبب ارتباطها بالاستيقاظ مبكرا . . او بسبب الدراسة التي تعتمد على التلقين والحشو والحفظ و و و و . . المهم انني كرهتها غاية الكراهية . .

مرت الايام يسابق بعضها بعضا . . وفي يوم ما أحببت المعلمين كل الحب واستظرفت هذه المهنة الشريفة كل الظرف متى كان ذلك اليوم اليوم الذي قرأت فيه هذه الحكاية . .

كان شاعر النيل حافظ ابراهيم مدرسا في شبابه . . وكان قد سبقه الى الشهرة امير الشعراء احمد شوقي ( لفارق العمر بينهما . . ) وعندما قال الأخير بيته المشهور . .
قــــم لــلــمــعـلـم وفـه الـتـبـجيـلا . . كاد المعلم ان يكون رسولا
اغتاض حافظ من طلابه فقال بيتين رائعين . .
شوقي يقول وما درى بمصـيبتـي . . . قــــم لـلـمـعـلـم وفـه الـتـبـجـيـلا
اقـعـد فـديـتـك هـل يـكون مبجلا . . . مـن كـان لـلـنشأ الجـديـد خـليلا

علمت في ذاك اليوم ان شاعر النيل كان مدرسا فأحببت التدريس ، وبعد هذين البيتين أصبحت اقدر هذه المهنة و كل من مارسها . . رددوا معي ايها المدرسين شوقي يقول وما درى بمصيبتي الى اللقاء . .


شوقي يقول وما درى بمصيبتي قـم للمعلـم وفّــه التبجـيـلا
اقعد فديتك هـل يكـون مبجـلاً من كان للنشء الصغار خليـلا
ويكـاد يقلقنـي الأّميـر بقولـه كاد المعلـم أن يكـون رسـولا
لو جرّب التعليم شوقـي ساعـة لقضى الحياة شقـاوة وخمـولا
حسـب المعلـم غمَّـة وكآبـة مرآى الدفاتـر بكـرة وأصيـلا
مئة على مئة إذا هـي صلِّحـت وجد العمى نحو العيون سبيـلا
ولو أنّ في التصليح نفعاً يرتجى وأبيك لـم أكُ بالعيـون بخيـلا
لكـنْ أصلّـح غلطـةً نحويـةً مثـلاً واتخـذ الكتـاب دليـلا
مستشهـداً بالغـرّ مـن آياتـه أو بالحديـث مفصـلاً تفصيـلا
وأغوص في الشعر القديم فأنتقي ما ليـس ملتبسـاً ولا مبـذولا
وأكاد أبعث سيبويه مـن البلـى وذويه من أهل القرون الأُولـى
فأرى حمـاراً بعـد ذلـك كلّـه رفَعَ المضاف إليـه والمفعـولا
لا تعجبوا إن صحتُ يوماً صيحة ووقعت ما بيـن البنـوك قتيـلا
يا من يريد الانتحـار وجدتـه إنَّ المعلـم لا يعيـش طـويـلا


أخيكم أبو البراء1988