منتديات صيرة قريات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحماقة بين العقل والذكاء

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

الحماقة بين العقل والذكاء Empty الحماقة بين العقل والذكاء

مُساهمة من طرف aseer الإثنين أكتوبر 13, 2008 1:59 pm

الحماقة بين العقل والذكاء

نص الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز ومنزل خطابه الوجيز على شرف العقل

وقد ضرب الله سبحانه وتعالى الأمثال وأوضحها وبين بدائع مصنوعاته وشرحها

فقال تعالى

وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ

وروي عن النبي أنه قال

أول ما خلق الله تعالى العقل فقال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر

فقال عز من قائل وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أعز علي منك

بك آخذ وبك أعطي وبك أحاسب وبك أعاقب

وقال أهل المعرفة والعلم

العقل جوهر مضيء خلقه الله عز وجل في الدماغ وجعل نوره في القلب يدرك به المعلومات بالوسائط والمحسوسات بالمشاهدة

واعلم أن العقل ينقسم إلى قسمين قسم لا يقبل الزيادة والنقصان وقسم يقبلهما

فأما الأول فهو العقل الغريزي المشترك بين العقلاء

وأما الثاني فهو العقل التجريبي وهو مكتسب وتحصل زيادته بكثرة التجارب والوقائع

وباعتبار هذه الحالة يقال أن الشيخ أكمل عقلا وأتم دراية وإن صاحب التجارب أكثر فهما وأرجح معرفة

ولهذا قيل من بيضت الحوادث سواد لمته

كان جديرا برزانة العقل ورجاحة الدراية





وقد يخص الله تعالى بألطافه الخفية من يشاء من عباده

فيفيض عليه من خزائن مواهبه رزانة عقل وزيادة معرفة

تخرجه عن حد الاكتساب ويصير بها راجحا على ذوي التجارب والآداب

ويدل على ذلك قصة يحيى بن زكريا عليهما السلام فيما أخبر الله تعالى به في محكم كتابه العزيز حيث يقول

وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا

فاتصف بالذكاء والفطنة وإن كان حديث السن قليل التجربة

كما نقل في قصة سليمان بن داود عليهما السلام وهو صبي حيث رد حكم أبيه داود عليه السلام في أمر الغنم والحرث

وشرح ذلك فيما نقله المفسرون أن رجلين دخلا على داود عليه السلام أحدهما صاحب غنم والآخر صاحب حرث

فقال أحدهما إن هذا دخلت غنمه بالليل إلى حرثي فأهلكته وأكلته ولم تبق لي فيه شيئا

فقال داود عليه السلام الغنم لصاحب الحرث عوضا عن حرثه

فلما خرجا من عنده مرا على سليمان عليه السلام

وكان عمره إذ ذاك على ما نقله أئمة التفسير إحدى عشر سنة فقال لهما ما حكم بينكما الملك

فذكرا له ذلك فقال غير هذا أرفق بالفريقين

فعادا إلى داود عليه السلام وقالا له ما قاله ولده سليمان عليه السلام فدعاه داود عليه السلام

وقال له ما هو الأرفق بالفريقين

فقال سليمان تسلم الغنم إلى صاحب الحرث وكان الحرث كرما قد تدلت عناقيده في قول أكثر المفسرين

فيأخذ صاحب الكرم الأغنام يأكل لبنها وينتفع بدرها ونسلها

ويسلم الكرم إلى صاحب الأغنام ليقوم به

فإذا عاد الكرم إلى هيئته وصورته التي كان عليها ليلة دخلت الغنم إليه

سلم صاحب الكرم الغنم إلى صاحبها

وتسلم كرمه كما كان بعناقيده وصورته

فقال له داود القضاء كما قلت وحكم به كما قال سليمان عليه السلام وفي هذه القصة

نزل قوله تعالى

وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ

فَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ


فهذه المعرفة والدراية لم تحصل لسليمان بكثرة التجربة وطول المدة بل حصلت بعناية ربانية وألطاف إلهية





وقالوا التجربة مرآة العقل

ولذلك حمدت أراء المشايخ حتى قالوا المشايخ أشجار الوقار لا يطيش لهم سهم ولا يسقط لهم فهم

وعليكم بآراء الشيوخ فإنهم إن عدموا ذكاء الطبع فقد أفادتهم الأيام حيلة وتجربة

قال الشاعر


ألم تر أن العقل زين لأهله
ولكن تمام العقل طول التجارب

وقيل

يعيش العاقل بعقله حيث كان
كما يعيش الأسد بقوته حيث كان

قال الشاعر

إذا لم يكن للمرء عقل فإنه
وإن كان ذا بيت على الناس هين

ومن كان ذا عقل أجل لعقله
وأفضل عقل من يتدين





وقال المنصور لولده خذ عني اثنتين لا تقل من غير تفكير ولا تعمل بغير تدبير

وقيل من أعجب برأي نفسه بطل رأيه ومن ترك الاستماع من ذوي العقول مات عقله

وعن عمرو ابن العاص رضي الله تعالى عنه أنه قال أهل مصر أعقل الناس صغارا وارحمهم كبارا

وقيل العاقل المحروم خير من الأحمق المرزوق





يروى عن علي بن ابي طالب كرم الله وجهه أنه كان ينشد هذه الأبيات ويترنم بها

إن المكارم أخلاق مطهرة
فالعقل أولها والدين ثانيها

والعلم ثالثها والحلم رابعها
والجود خامسها والعرف ساديها

والبر سابعها والصبر ثامنها
والشكر تاسعها واللين عاشيها

والعين تعلم من عيني محدثها
إن كان من حزبها أو من أعاديها

والنفس تعلم أني لا أصدقها
ولست أرشد إلا حين أعصيها





وقد قال الأصمعي رأيت بالبصرة شيخا له منظر حسن وعليه ثياب فاخرة وحوله حاشية وهرج

فأردت أن اختبر عقله فسلمت عليه

وقلت له ما كنية سيدنا فقال أبو عبد الرحمن الرحيم مالك يوم الدين

قال الأصمعي فضحكت منه وعلمت قلة عقله وكثرة جهله





وقيل إن إياس بن معاوية القاضي كان من أكابر العقلاء

وكان عقله يهديه إلى سلوك طرق لا يكاد يسلكها من لم يهتد إليها

فكان من جملة الوقائع التي صدرت منه وشهدت له بالعقل الراجح والفكر القادح

أنه كان في زمانه رجل مشهور بين الناس بالأمانة

فاتفق أن رجلا أراد أن يحج فأودع عند ذلك الرجل الأمين كيسا فيه جملة من الذهب ثم حج

فلما عاد من حجه جاء إلى ذلك الرجل وطلب كيسه منه فأنكره وجحده

فجاء إلى القاضي إياس وقص عليه القصة

فقال القاضي هل أخبرت بذلك أحدا غيري قال لا قال فهل علم الرجل أنك أتيت إلي قال لا

قال انصرف وأكتم أمرك ثم عد إلي بعد غد

ثم إن القاضي دعا ذلك الرجل المستودع فقال له قد حصل عندي أموال كثيرة ورأيت أن أودعها عندك

فاذهب وهيئ لها موضعا حصينا

فمضى ذلك الرجل

رجع صاحب الوديعة إلي القاضي إياس فقال له اذهب إلى خصمك واطلب منه وديعتك فإن جحدك

قل له تعال معي إلى القاضي إياس أتحاكم أنا وأنت عنده

فلما ذهب إليه دفع إليه وديعته كاملة دون نقصان

فرجع إلى القاضي وأعلمه بذلك

ثم إن ذلك الرجل المستودع جاء إلى القاضي طامعا في تسليم المال

فسبه القاضي وطرده وكانت هذه الواقعة مما تدل على عقله وصحة فكره





وأما ذم الأحمق فقد قال ابن الأعرابي

الحماقة مأخوذة من حمقه السوق إذا كسدت فكأنه كاسد العقل والرأي فلا يشاور ولا يلتفت إليه في أمر من الأمور

والحمق غريزة لا تنفع فيها الحيلة وهو داء دواؤه الموت

قال الشاعر

لكل داء دواء يستطب به
إلا الحماقة أعيت من يداويها

والحمق مذموم قال رسول الله الأحمق أبغض الخلق إلى الله تعالى

إذ حرمه أعز الأشياء عليه وهو العقل

ويستدل على صفة الأحمق من حيث الصورة بطول اللحية لأن مخرجها من الدماغ فمن أفرط طول لحيته قل دماغه

ومن قل دماغه قل عقله ومن قل عقله فهو أحمق

وأما صفته من حيث الأفعال فترك نظره في العواقب وثقته بمن لا يعرفه والعجب وكثرة الكلام وسرعة الجواب

وكثرة الالتفات والخلو من العلم والعجلة والخفة والسفه والظلم والغفلة والسهو والخيلاء

إن استغنى بطر وإن افتقر قنط وإن قال أفحش

وإن سئل بخل وإن سأل ألح وإن قال لم يحسن

وإن قيل له لم يفقه وإن ضحك قهقه

وإن بكى صرخ

وإن اعتبرنا هذه الخلال وجدناها في كثير من الناس فلا يكاد يعرف العاقل من الأحمق

قال عيسى عليه السلام عالجت الأبرص والأكمة فأبرأتهما وعالجت الأحمق فأعياني





حكي أن أحمقين اصطحبا في طريق

فقال أحدهما للآخر تعال نتمن على الله فإن الطريق تقطع بالحديث

فقال أحدهما أنا أتمنى قطائع غنم أنتفع بلبنها ولحمها وصوفها

وقال الآخر أنا أتمنى قطائع ذئاب أرسلها على غنمك حتى لا تترك منها شيئا

قال ويحك أهذا من حق الصحبة وحرمة العشرة

فتصايحا وتخاصما واشتدت الخصومة بينهما حتى تماسكا بالأطواق

ثم تراضيا من أن أول من يطلع عليهما يكون حكما بينهما

فطلع عليهما شيخ بحمار عليه زقان من عسل

فحدثاه بحديثهما فنزل بالزقين وفتحهما حتى سال العسل على التراب

وقال صب الله دمي مثل هذا العسل إن لم تكونا أحمقين





ويقال فلان ذو حمق وافر وعقل نافر ليس معه من العقل إلا ما يوجب حجة الله عليه

ويقال للأبله السليم القلب هو من بقر الجنة لا ينطح ولا يرمح

والأحمق المؤذي هو من بقر سقر

والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
aseer
aseer
المدير العام
المدير العام

عدد الرسائل : 32
العمر : 36
الموقع : https://alsaira.yoo7.com
تاريخ التسجيل : 15/04/2008

https://alsaira.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الحماقة بين العقل والذكاء Empty رد: الحماقة بين العقل والذكاء

مُساهمة من طرف سندريلا الأحد نوفمبر 21, 2010 11:12 am

مشكووور أخي معلومات حلوة

سندريلا
عضو جديد
عضو جديد

عدد الرسائل : 3
تاريخ التسجيل : 21/11/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى